التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ما أفضل متصفح من حيث الخصوصية والأمان؟

هذا سؤال رائع، دعنا نتناوله بشئ من التفصيل.

أولاً: تحديد المشكلة..

أصبحت صفحات الويب اليوم غابة من البيانات المتداخلة من مصادر مختلفة، لدرجة أن المتصفح العادي (غير الآمن) لا يملك أقل تحكم على سيل البيانات المتدفق من وإلى حاسوبه مع كل رابط يفتحه..الواقع أن فتح صفحة عادية في موقع متوسط الشهرة، قد يعني سحب أكواد ومواد مما لا يقل عن خمسة مواقع مختلفة فما فوق، ما بين مكتبات، ودعاية، ومتعقبات، وبرامج وتعليمات تنفذ في متصفحك، ومع كل طلب يخرج من جهازك، هناك الكثير من المعلومات المسربة إلى جهات مختلفة، تبني عنك ملفاً لدى المعلنين يتتبع تفاصيل حياتك الدقيقة، ميولك، همومك، وكل ما تفكر فيه..

لاحظ الرسم أعلاه، ما لا يدركه معظم الناس، أن متعقبات جوجل تكمّن لنا في 75% من المليون موقع الأعلى زيارة عالمياً..تليها متعقبات فيسبوك بنسبة 25%، الفارق الشاسع في الانتشار هنا لا يقلل من خطر أي منهم، لكن جوجل في الحقيقة تسيطر على سوق الاعلانات على انترنت، ويغلب على الظن كونها ترصد كل متجول على انترنت بنسبة أو أخرى..

هذا التعقب الدائم، والرصد المستمر، يجعلك دائماً تحت السيطرة، فالمعلومة المقدمة إليك لدعم قرار شراء قد تكون منحازة لعميل جوجل، أو فيسبوك، والاعلانات التي سوف تلاحقك بين المواقع المختلفة تكاد تتطابق للإلحاح عليك لاتخاذ قرار ما..

ناهيك عن استهلاك المواد وسرعة الاتصال، ولو كنا نتكلم عن موارد مستهلكة لحساب جوجل وفيسبوك وحسب لهان الأمر ولكن، وفي المواقع وشبكات الدعاية ذات المستويات الأدنى، ستجد الكثير من المقاطعة والازعاج حتى تتحول تجربة تصفح الانترنت إلى تضييع للوقت واستفزاز مستمر.

ثانياً: الحلول والبدائل..

في الواقع أن كثير من الحلول المتوهمة والخادعة يظنها الناس فعالة، كموضوع التصفح كمتخفي مثلاً، وهو لا يمنع في الحقيقة أي متعقب من تعقبك، هناك لا يزال الكثير مما يمكن التعرف به على هويتك وربط النشاطات التي تقوم بها في الوضع المخفي، بك أنت في أثناء تصفحك العادي..كذلك بالنسبة للاكتفاء باضافات منع الاعلانات، رغم فعاليتها في كثير من الاحوال لمنع الاعلانات من ازعاجك، إلا أنها لن تمنع المتعقبات من رصد نشاطاتك والاطلاع على مواد قراءاتك واهتماماتك، والحل دائماً هو التحكم في كل طلب يخرج من جهازك، لا ينبغي أن يقوم متصفحك بأي عملية، لا يرجع فيها إليك، أو لا تخضع لرقابتك!

وعلى هذا المبدأ يتم تصميم المتصفحات المعنية بالخصوصية، وهنا سأذكر متصفحين اثنين:

فايرفوكس

يتسم هذا المتصفح مفتوح المصدر بالأمان العالي، في نسخه الأخيرة، يمكنك من تخصيص استخداماتك للمواقع المختلفة في تقنية سماها بالحاويات، بمعنى، أنك تستطيع مثلا استخدام كل ما يمت بصلة إلى فيسبوك فقط داخل حاوية فيسبوك، بالتالي لا يستطيع الموقع مراقبة ما تتصفحه في أثناء التسوق الاليكتروني مثلا، ناهيك عن ربطه بحسابك على موقع التواصل..

كذلك فهو يمنع الاعلانات المزعجة تلقائياً، بشكل افتراضي، ومع قليل من الاضافات المهتمة بالخصوصية، يمكنك أن تحصن قلعتك الرقمية ضد أي تدخل..سأخبرك الآن باضافتين أستعملهما بشكل يومي، للتحكم الكامل باتصالي بالويب:

أولاً: اضافة uMatrix

وهذه الاضافة، تهدف لاعطائك تحكماً تفصيلياً بما ينبغي السماح له ومالا ينبغي من نشاطات الصفحة التي تزورها، مثلاً، عند زيارتك لموقع (أ)، فسوف تقدم لك هذه الاضافة جدولاً مفصلاً بكل طلب تصدره هذه الصفحة، وما سمحت به افتراضياً (وهو ما يكون عادة إلى نفس الدومين) وما منعته أيضاً بشكل افتراضي (أي طلب صادر إلى جهات سوى الموقع المقصود) لكن لديك الخيار والتحكم الكامل لتحرير سياسات المنع والسماح وحفظها وتثبيتها..

ثانياً: اضافة NoScript

هذه الاضافة على الجانب الآخر تهتم بما سيتم تنفيذه فعلياً على الصفحة من أكواد جافاسكريبت، فهي تمنع الأكواد من التنفيذ بشكل افتراضي حتى تمنحها اذناً ثابتاً أو مؤقتاً..

بالتالي، يمكنك أن تلاحظ بهذه التقنية كيف يمكنك التحكم بشكل كامل في كل "بت" على الشاشة، كما سوف تفاجأ بكم الهذر الذي تم تجنبه في كل موقع، وكان ليكون على حساب أمنك ومواردك..لكن، ماذا عن تجربة المستخدم؟

بالتأكيد ليست الأمثل، فهناك الكثير من القرارات التي سوف تتخذها بنفسك عند تصفح أي موقع، لكن إذا كنت موسوساً بالأمن "كحالي" فسوف أدعوك لاستخدام فايرفوكس مع هاتين الاضافتين..أما السيناريو الآخر فهو..

متصفح Brave

هذا المتصفح مفتوح المصدر مبني على كروميوم، والأمر معه أبسط بكثير، هو يتولى عنك أمر الحماية، يتعرف على المتعقبات وشبكات الدعاية ليغلقها بشكل افتراضي، ويسمح بما يراه ضروري لتصفح الموقع بالنسبة لك، كما يجادل في موقعه بأنه أسرع من فايرفوكس وكروم سوياً..

الواقع أنني لم أجربه بنفسي، لكنه وحسب تزكيات المهتمين، خيار جيد للخصوصية وتوفير الموارد.

فايرفوكس آمن الى حد كبير، أما مع الاضافات فهو حصن صعب الاختراق..Brave جيد، ينصح به، لكنني شخصيا افضل استخدام فايرفوكس العادي مع الاضافات..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

جدران النار - خطوط الدفاع

جدران النار Firewalls هي واحدة من أهم مواردك للدفاع عن الشبكة، هي الحراسة الخاصة على بوابتك للإنترنت. تأتي جدران النار بصور وأشكال مختلفة، فمن حيث طبيعتها، قد تكون أجهزة متخصصة appliances، أو برامج مختصة ، تماماً كمضاد الفيروسات. لكل من هذين النوعين مميزاته وعيوبه، فالأجهزة المختصة يمكنها أن تفرض القواعد العامة على مؤسسة كاملة مبقية التحكم في أيدي مديري الشبكة، كذلك تكون هذه الأجهزة محسنة لتقوم فقط بفلترة حزم البيانات الداخلة إلى الشبكة مما يقلل من امكانية تعطيلها بسبب ثغرات مختلفة بواسطة المخترقين، كما هناك في كثير منها، العديد من التقنيات الذكية الأحدث التي تتبنى تقنيات تعلم الآلة لتتمكن من ملاحظة أي سلوك غير مألوف (أو عدواني، ربما) على الشبكة الخاصة بك، والاستجابة الفورية.. كذلك، فهي قادرة إلى حد بعيد على حماية الأجهزة الذكية وانترنت الأشياء من عبث المخترقين، ربما لا تستطيع وضع برنامج جدار ناري على تلفزيونك الذكي وكاميرا المراقبة الأبوية في منزلك، لكنك تستطيع حماية بيئتك المنزلية من خلال جدار ناري على مصدر الانترنت. أما البرامج فهي في الغالب تستخدم لحماية جهاز بعينه، أو نقطة واحدة

هجمات التصيّد - الهندسة الاجتماعية

تعد هجمات التصيّد phishing هي واحدة من أشهر طرق وأساليب استخراج كلمات السر من الضحايا، وهي احدى أساليب الهندسة الاجتماعية، والتي يقصد بها خداع المستخدم للحصول منه على معلومات حساسة يقدمها طواعية إلى المخترقين. تعد هجمات التصيد من اﻷساليب الشائعة في عالم الاختراق ، تؤثر على العديد من اﻷفراد والشركات على مختلف المستويات، وهي تتم في الغالب بواسطة رسائل بريد إليكتروني تهدف لخداع المستخدم، فمثلاً قد تصلك رسالة من منصة التواصل الاجتماعي الخاصة بك تطلب منك اجراءاً عاجلاً، أو تخبرك أن ثم طلب اضافة من فتاة جميلة ينتظرك (مثلاً)، لقبول طلب الاضافة اضغط هنا. في حال استخدامك للرابط في الرسالة التي تبدو أصلية تماماً، وسيقودك الرابط إلى موقع شبيه بمنصة التواصل الاجتماعي الخاصة بك تماماً تطلب منك تسجيل الدخول، إلا أنه في الحقيقة موقع يخص المخترق، وستصله فوراً بياناتك التي سلمتها له طواعية. كيف تحمي نفسك من سرقة بياناتك؟ هناك العديد مما يمكن فعله هنا، لكن اﻷهم على الاطلاق هو: اليقظة والحذر الحس السليم وتقييم المواقف والفكر النقدي سلاحك هنا، تذكّر دائماً أنه ﻻ يوجد اجراء مستعجل إلى حد أن يمنعني من التف

جافاسكريبت JavaScript - الحلقة الثانية

حسناً، إذا كنت مهتماً بجافاسكريبت فلا شك أنك سمعت تعبير ECMAScript، ما هو؟..وما معناه؟ الواقع أن جافاسكريبت عندما اخترعت للمرة الأولى بواسطة إيريك بريندن سنة 1995 احتاجت لمعايير للغة، كلغة مفتوحة المصدر تحتاج لمعايير كي تمكن مصنعي المتصفحات من تبنيها بشكل موحد وصحيح، ظهرت هذه المعايير في صورة ECMAScript سنة 1997 لأول مرة، كعمل تحت التطوير المستمر، وصدر منها العديد من الاصدارات منذ ذلك الحين، ومع كل اصدار من هذه المعايير، يتم تبني الاصدار الأحدث تدريجياً في المتصفحات ومحركات جافاسكريبت. نستطيع القول بأن ECMAScript هي المعايير التي تحدد شكل اللغة، ومن خلالها تضاف التحديثات بشكل دوري. هذه حلقة قديمة للمهندس مدحت داود على يوتيوب، يشرح فيها تاريخ ECMAScript وماهيتها..أنصح بها بشدة، كما يشرح المهندس كثيرا من مفاهيم جافاسكريبت ومكتباتها في قناته..